بدأت مبكراً في تحضير سيناريو ما بعد إرتطام النيزك "إلينين" بالأرض يوم 26 سبتمبر، فأشتريت بعض العوامات و العديد العديد من علب التونة وفرشاة اسنان جديده وبطارية لاب توب إحتياطيه و شحنتها وبطاريتيّ موبايل إضافيتين ومصحف ومخدة بتتنفخ و خلدت إلى النوم في إنتظار أي جديد من وكالة ناسا.
و بينما كنت نائما، هاجمتني فكرة مخيفة، "كيف سأعود لوطني؟" خصوصا وأني في أقصى شرق المملكه العربية السعوديه و تستغرق الرحله بالسيارة للوصول الى ساحل البحر الأحمر حوالي 12 ساعه مستقلا السيارة على سرعة 160 كم/ساعه، فكيف لي أن أصل دون استخدام طائرة او سيارة؟ إذن فسأحتاج الى حمار..
و أخص بالذكر الحمار لأني لن أستطيع شراء حصان لسببين: الأول هو ارتفاع سعره، والثاني هو أنه لن يستطع أن يتخطى المرتفعات الجبليه مثل الحمار.
و قررت ان أبدأ الرحله من ساحل الخليج العربي يوم 27 سبتمبر بأتجاه مكه "عشان أحج قبل ما أموت" و ستستغرق المسافه بالحمار حوالي شهر و نصف الشهر بالإستراحات و المية و البرسيم والذي منه. في الرياض سأواجه بعض المتاعب من قبل الهنود الذين بدأوا في بناء قبائل هنديه في الصحراء و الأستيلاء على قوافل المهاجرين و لكنهم يواجَهون بالعديد من الملاحقات من قِبل قوات الدفاع المدني والتي بدأت في إستخدام السيوف لعدم وجود مخزون كافي من الأسلحه النارية.
أصيب حمار بطلق ناري و إضطررت للمكوث بعض الوقت حتى أعالج قدمه المصابه، و من ثم بدأت من جديد رحلتي وسط الصحراء و شعابها و أوديتها بأتجاه مكه أتحرك صباحا و أنام ليلا..
من أغرب ما شاهدت في طريقي هو وادي الكوكاكولا، حيث أن كل منتجات المياه الغازية قد إنفجرت نتيجة الأهتزازات الأرضية العنيفه و المتتاليه حتى تكوّن منها وادِ كبير تتحرك فيه سوائل المياه الغازية منتجةً فورانات هائلة و رغوة كبيرة من الصودا.
وصلت مكة بعد حوالي الشهرين "أربعة أهله قمرية" خارت فيها قواي من كثرة الكرّ و الفرّ و الهروب و السفر و الأغماءات الناتجه عن حرارة الصحراء، فتلقفني بعض سكان أهل مكه للراحة والمبيت والطعام و قمت بمقايضه بطارية الموبايل ببرسيم للحمار.
و توقفت في مكه لفترة شهر حتى أستطيع أن أؤدي فرائض الحج و أتزود بما أستطع حمله من ماء زمزم ليعينني على نقص الغذاء و الماء في طريقي الى ساحل البحر المتوسط و التي من المفترض أن تستغرق بضع أيام
إستمرت رحلتي الى الساحل ساعات محدوده فقط، بعد أكتشافي أن مكه أصبحت على ساحل البحر بعد غرق المنطقة الشرقيه للمملكه العربية السعوديه بفعل ما نتج عن إصطدام النيزك بالارض و التغيرات المناخيه الناتجه عن ذلك.
هناك .. وجدت الاف المصريين المحاولين عبور البحر للوصول الى وطنهم ولكن دون جدوى، لا توجد أي سفن باستطاعتها الابحار لعدم وجود الوقود لتشغيل محركاتها، فقرر المصريون بعزيمة الأبطال بناء عبّارة جديده بسواعدهم، و بدأنا في بناء أكبر سفينه على الاطلاق لتستطع حمل كل تلك الحشود على دفعتين على الأكثر.
إستمر العمل في بناء السفينه لمدة شهر من العمل الجاد ليل نهار ظهرت فيها بعد الأغاني الحماسيه لتزيدنا إصراراً و قوةً مثل أغنية: "إزاي ترضيلي حبيبتي .. يرتطم النيزك وانتي"، و "والله زمان يا كواكب"، و "شدي القلوع.. يا مجرة".
ثم بدأنا الإبحار على متن سفينتنا التي أسميناها "إلينين..طال عمرك .. وان" والتي سيستغرف الابحار فيها من اسبوعين الى تلاتة اسابيع.
وبعد الأبحار بحوالي الاسبوع إستوقفنا بعض القراصنه الصوماليين و الذين حاولنا جاهدين أن نقنعهم ان نيزكا قد أرتطم بالأرض و أن كرتنا الأرضية مهدده بالفقر و الجوع، ولكن كان ردهم مفحماً لنا حيث أكدوا لنا أنهم يعيشون في فقر مدقع و جوع منذ سنوات عدة دون أن يساعدهم شخص واحد، لذلك هم لا يحسون بفارق بين إرتطام النيزك أو عدمه.
بعد استيلاء القراصنه على كل ما نمتلك من لابتوبات و موبايلات و نقود ورقيه و مصوغات.. تركونا و شأننا و رحلوا و هم سعداء بالغنيمة التي لا يعلمون انها اصبح ليست ذات قيمة في عصر ما بعد الأرتطام، فحمدنا الله على ذلك و استكملنا رحلتنا الى وطننا منهكين تعبين، و أصبح حماري هزيلا لعدم وجود ما استطيع ان اسد به جوعه على متن السفينه.
وصلنا الى ساحل وطننا، نعم .. اني ارى اليابسه هناك و أرى العديد من الناس يقفون، مهللين لنا بأشارات و قفزات، و اقتربت السفينه أكثر و أكثر، حتى رست على الشاطئ، ليبدأ المستقبلين في الصياح فينا و نهرنا و أمرنا ان نخرج كل ما في جعبتنا مما غلى ثمنه، و أي أطعمه لأحساسهم بالجوع الشديد.
بدأت اتبين عندها ان الفقر قد حاصر الناس في وطني و بدأوا في مقاتله كل من يمتلك ما يمكن به سد الأفواه من طعام و شراب، حتى انهم ذبحوا حماري و بدأوا في أكله.
علمت اني في مدينه تسمى قوصير تقع بين مرسى علم و سفاجا، و أخبرتني احدى السيدات اني اذا استطعت عبور جبال الصحراء الشرقية فسأصل مباشرة الى مدينة الأقصر، و علمت ان بعض القوافل ستتجه على الجـٍمال الى هناك فطلبت منهم ان يوصلوني معهم الى هناك مقبل خدمتهم و حمل المتاع.
و بالفعل وصلنا مدينة الأقصر بعد حوالي عشر أيام حيث عوملت معاملة كريمة و حصلت على اشهى الطعام و الشراب و الملبس بعد أن قصصت على أهلها قصتي، و أعطاني احد الشيوخ المسنين بغلته لتساعدني ف الوصول الى القاهره، و حذرني من مفاجأة غير سارة عند وصولي القاهره لكنه لم يود الإفصاح عنها.
بدأت رحلتي على ضفاف النيل ممتطيا بغلتي و معي بعض البرسيم و قصب السكر و بعض الذهب الذي ساعدني به أهل الأقصر، و في طريقي كنت سعيدا لرؤيتي الزراعات التي بدأت في الأزدياد للاعتماد على مياه النيل في الحصول على الطعام الكافي للحياه ،لكني كنت حزينا لرؤيتي تلك القتالات الداميه للأختلاف على توزيع مياهه بين المزارع، كما هالني أيضا منظر نهر النيل و قد خسر الكثير و الكثير من ارتفاعه لكنه مازال جاريا عذبا .. لعدم وجود مصانع تصرف مخلفاتها به، فكنت دائما ما انزل الى مجراه لأشرب بيدي منه و اسقي بغلتي.
خلال رحلتي سمعت العديد و العديد من القصص والروايات حول اختفاء الدلتا، و ان المنوفيه اصبحت مدينه ساحليه يتمتع اهلها بالغنى الفاحش نتيجه لما استطاعوا ان يخزنوه طوال فترة بخلهم لكني لم أصدقهم لعدم تأكدي من واقعة البخل، كما سمعت عن أعلان نادي الزمالك الأندماج في نادي الأهلي بعد تأكد قيادات النادي من سوء طالع النادي بعد قيام الثورات و ارتطام النيزك عقب التعاقد مع حسن شحاته و العديد من القصص الغريبة و العجيبة، كان أهمها هي مد الفترة الأنتقاليه لحكومة عصام شرف للظروف الحاليه، و رفض المشير الشهاده في محاكمة مبارك للمرة المائة و الخمسين بدعوى انشغاله بالحالة المناخية للبلاد.
وصلت للقاهره بعد رحله طويله على ضفاف النيل لأجد الأدخنة تتصاعد من قلبها و الرماد يحف مداخلها، تتزايد من بعيد اصوات طلقات الأعيرة النارية وصراخ النساء لأصاب بهلع حقيقي خوفا من ما قد أجده بعد دخولها.
دخلت القاهره و أنا أرتعد من ما أرى من معارك و كرّ و فرّ بين أهلها حتى أحس بتلك الرصاصة الغادرة تخترق قلبي، فأبدأ في التشهد وانا ارى العديد من الناس يفتشوني بحثاً عما يمكن أن يسد جوعهم و أرى أخرون يذبحون البغله و يبدأون في القتال أثناء التهامها، و تبدأ عيناي في التثاقل حتى تفيض روحي عنان السماء باكية على منظر المدينة العريقة التي توحش اهلها، حتى افيق على صوت أحدهم يناديني
عمرو.. عمرو.. أصحى.. انت جايب عوامات جديده ليه؟